السبت، 8 سبتمبر 2012



تعتبر التنمية البشرية والاهتمام بالعنصر البشري من الأمور التي تجاهلتها الكثير من المنظمات المؤسسات، وفي مقابل اهتمامهم بأمور أخرى وانشغالهم بالأعمال والخدمات ، ومما يدعوا للأسف أن هذا التجاهل نجده على مستويات  لا سيما أنها تخصص مبالغ باهضة للتسلح والاقتصاد ويبقى العنصر البشري ومسألة تطويره في نهاية الاهتمام .
وقد تكون بداية التغيير في المؤسسات والشركات نحو الأداء الأفضل هو بتغيير أداء الموظفين نحو الأفضل والرفع من كفائاتهم والاهتمام بهم لأنه بدونهم لا يتم تحقيق الأهداف المنشودة والنتائج المتوقعة ، وهذا ما يدفع بالدول المتقدمة إلى تخصيص مبالغ كبيرة قد تفوق ميزانية الدول العربية مجتمعة في جانب تطوير الموارد البشرية والاهتمام بهم.
أكثر ما يثير الاستغراب في عصرنا الحالي أن يأتي البعض ويبدي  عدم الاهتمام بالتدريب والتطوير البشري مبرراً ذلك بأن التعليم يأتي مع مر السنوات والفائدة تكتسب من خبرات الزملاء ولا اعلم هل يرضى هؤلاء الناس أن تضيع تلك السنوات في تعلم بعض المهارات والخبرات التي يستطيع تعلمها خلال أسابيع أو أيام مع درب نختص في هذا المجال .
إن التحدي الأول الذي يصادف المؤسسات والشركات في عصر العولمة والنهضة المتسارعة هو السعي نحو تطوير الموارد البشرية للوصول إلى إمكانيات مواكبة للتطور وللتغيير المستمر
في عالمنا حتى لا تقف في نهاية المطاف وهي لا تمتلك الإمكانيات البشرية التي تتطلبها حاجة السوق، وقد يحتاج ذلك التضحية بالكثير من الموظفين في سبيل تبديلهم بكفاءات افضل وإمكانيات أكبر وهذا مايعارض الامان الوظيفي الذي هو حق الموظف .
وأن السعي نحو تدريب مواردنا البشرية ورفع مستواها الفكري والعملي ، قد يقينا الكثير من العراقيل في المستقبل ، لا سيماً في المؤسسات التي اختارت طريق التميز والاحتراف في عملها  .
ورغم كل ذلك على الشخص أن لا يعتمد على مؤسسته وشركته في تطوير نفسه بل عليه أن يبادر بالإلتحاق بالدورات التدريبة وورش العمل المتخصصة لأنه سيخسر كثيرا في حالة عدم تطويره لنفسه ومع الأيام سوف تقل همته وتنقص عزيمته في العمل وسيجد العالم من حوله سبقه في التطور والثقافة وهو لا يزال يعتمد على شهادته العلمية التي حصل عليها قبل سنوات .
ونجد أن التطوير المهني استشراف المستقبل وفرص التعليم المتاحة للموظف سوف تعمل على تطويره ليعمل بأقصى طاقاته. هذه الحقيقة نجدها ماثلة من خلال إنشاء مراكز التعليم والتدريب  التابعة للشركات والمؤسسات المحترفة التي أتاحت للموظفين تطوير مهاراتهم الفنية. كذلك فإن وجود شبكة الإنترنت والمؤثرات التي تتم من خلال الفيديو سوف تزداد وتتيح للموظفين في الوقت نفسه فرصة الاتصال والتواصل مع أصحاب المهنة والخبرة، وعلينا تنبؤه للمستقبل بالنسبة للموظفين والتدريب وإذا أراد الموظف التقدم خلال الوظائف فإن عليه استغلال جميع الفرص التي توفرها لهم شبكات الإنترانت والإنترنت. ليذكر بعد ذلك أن وظائف مستشاري التدريب كما هي موجودة اليوم في العديد من المنظمات سوف تختفي في غضون عشر سنوات في الشركات التي تبحث عن القوى العاملة الحيوية والفاعلة، لهذا فإن المرتكز الأساسي للتطوير المهني في المستقبل سوف يكون ماثلا في تطوير وإيجاد الكفاءات، حيث إن الوظيفة أو المهنة بالنسبة للموظف لن تكون ضيقة ومحدودة بل متعددة وعميقة المجال، وهذا يعني أن الموظفين في المستقبل لن يكونوا محصورين في وظيفة واحدة بل سيتنقلون في نطاق واسع من الوظائف، وسوف يلقى هذا التنقل دعما من نظام الحوافز والتشجيع. من ناحية أخرى فإننا سوف نشهد في المستقبل ما يمكن تسميته بالاحتراف الوظيفي الذي يتطلب نوعا من التدريب الخاص والذي هو منطلق التطوير المهني.
ومن أهمية تطوير القوى البشرية بتحسين وضع الأفراد والمنظمات التي يعملون بها، ذلك أن التحدي الذي تفرضه بيئة الأعمال اليوم على المنظمات والعاملين فيها يفرض عليهم اكتساب معارف ومهارات جديدة للتعامل مع هذه التحديات، الأمر الذي سوف يقود إلى استقرار واستمرار عطاء الطرفين، الأمر الذي يؤكد أن الاستثمار في الأفراد أهم جوانب استثمار المنظمات وسر بقائها وتطورها، ولعل هذا هو ما لمسته قيادات المنظمات الإدارية من تأسيس فريق قادر على الفوز دائما فالتطوير المهني في المنظمات والمؤسسات العامة والخاصة لابد بأن تتفهم بأن التطوير المهني وتدريب الكادر يأتي دائماً في المرتبة الأولى .

مازن الجيزاني
الشؤون الاكاديمية و التدريب
مدينة الملك عبدالله الطبية
mazenjizani@
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق